nOuRa [ -• نائب المدير •- ]
عدد الرسائل : 687 العمر : 31 مهنتي : طااالبة بس للدراسة يعني بدرس وبدرس باكل الكتب بلا ملح هههههههههههههههههه مزاجي : هوايتي : مهنتي : الأوسمه : تاريخ التسجيل : 17/02/2009
| موضوع: امومة بلا حنان ج 2 الخميس مارس 05, 2009 1:10 pm | |
| امومة بلاااا حناااااااااان ج 2
استقبلتني حنان على كرسيها المتحرك عند مدخل البيت. كانت شاحبة اللون. دائرة من السواد أحاطت عينيها. مدّت يدها لتسلم علي. حاولت أن أضمها لكنها صدت برأسها ومنعتني بيدها. ردّت عليّ متوسلةً: - أمي لا تقتربي منّي أكثر. أنا مريضة وأخاف أن أعديكِ. طلبت من الخادمة أن تترك الكرسي. أمسكته وأدخلتها إلى البيت. ** ** ** ** - منذ متى وأنتِ مريضة؟! - منذ رحيلك يا أمي. - هل ذهبتي إلى المستشفى؟! - لا. - لماذا؟! - أنسيتي أني أؤدي امتحاناتي النهائية في الكلية؟! ** ** ** ** خلدت إلى النوم واستيقظت على طرقات الباب. كانت الخادمة. أخبرتني أن حنان تعبة جداً. رغبت في أخذها إلى المستشفى لكنها رفضت. لم تتمكن ابنتي من النوم طوال الليل. كانت تشعر ببرودة تسري في جسدها الضعيف، وقمت بإدخالها الحمام أكثر من مرة. عند الفجر بدأت ابنتي تصاب بتشنجات غريبة!! ** ** ** ** حملتها سيارة الإسعاف. أصريت على مرافقتها. هناك تلقيت صدمة جديدة. صدمة أشد علي من مصابي السابق الذي مررت به! حنان تعاني من فشل كلوي في مراحله النهائية. جسمها الضعيف لم يتمكن من العيش بكلية واحدة!! ** ** ** ** في غرفة العناية المركزة كانت حنان تصارع الموت، وأصبحت المحاليل الطبية غذاءها الوحيد الذي يتقبله جسدها. جلبت لي الممرضة كرسياً وجلست عند باب غرفتها. بعد ساعة وجدت أمامي مها صديقة ابنتي. منذ الصباح وهي تحاول الاتصال بنا لتزف لنا نتيجة حنان. اتصلت بالبيت. أخبرتها الخادمة أننا في المستشفى. حاولت مها الدخول إلى غرفة حنان لكن الممرضات منعنها. ** ** ** ** - لقد طلبت منها الذهاب إلى المستشفى مراراً لكنها رفضت. - هل كنتِ تعلمين بمرضها؟ - لا لكنها في الفترة الأخيرة لاحظت أنها تتعب بسرعة. لا تتمكن من تحريك كرسيها كما في السابق. تركيزها بات ضعيفاً. خالتي قد لا تعلمين ما فعلته حنان معي!! - هل ضايقتكِ في شيء؟! - لا بل بالعكس. جلست مع صديقة ابنتي في غرفة الانتظار. بدأت مها تحكي لي عن حنان وقد تغيرت نبرة صوتها: - منذ أن دخلت الكلية مع حنان وهي تقاسمني مصروفها. أجل كانت تأخذ نصفه وتعطيني نصفه. لقد رفضت في البداية لكنها كانت تمازحني دائماً قائلة: "حين تتخرجين وتحصلين على وظيفة أعيدي لي جميع نقودي". - وأهلك ألا يتكفلون بمصروفك؟ - أهلي!!! أمي الكبيرة في السن لا تعمل، وأبي نسينا وإخوتي منذ تزوج الثانية. أصبح لا يهتم بنا ولا يتكفل بمصاريفنا. لم أجد رداً مناسباً أمام الذي أسمع. ترى ما الفرق بيني وبين والد مها؟! وضعت يدي على رأسي، وتنهدت، وهي أكملت: - كنت سأترك الكلية ولن أتمكن من إكمال دراستي لولا وقوف حنان إلى جانبي. خالتي دعيني أرد لابنتك قليلاً ممّا منحتني إيّاه. ** ** ** ** خضعت مها لفحوصات لتتبرع بكليتها لأعز صديقاتها لكن النتيجة جاءت مخيبة للآمال!! بعد أيام اقترب من غرفة ابنتي رجل كبير في السن يلبس بنطالاً رمادياً وقميصاً أبيض. شعره الأبيض يحيط بصلعة عريضة. كانت عيناه المحاطة بالتجاعيد حمراء. ألقى على حنان نظرةً من وراء باب غرفتها الزجاجي. سألني: - هل أنتِ قريبتها؟ - أنا والدتها. - كان الله في عونك. ألم تجدوا متبرعاً لها؟! - لا... اعذرني لكن كيف تعرف ابنتي؟ - كيف لا أعرفها وقد كانت يوماً طالبتي النجيبة. سكت ثم قال: حنان مثل ابنتي. لقد اعتادت نهاية كل فصل دراسي أن تخبرني عن نتائجها التي حققتها. هذا الفصل انتظرتها ولم تأتِ. سألت عنها زميلاتها. أخبرتني إحداهن أنها مريضة وترقد في المستشفى. حقيقة لم أتوقع أن تكون حالتها سيئة إلى هذه الدرجة. ودعني أستاذها وهو يقول: حنان تحمل عقلاً واعياً وقلباً طاهراً. عقلها وقلبها أقوى من أي كرسي متحرك. لقد تفوقت على جميع الطلاب والطالبات الأصحاء. سأدعو الله كثيراً أن يشفيها. يا الله!! الجميع أحب ابنتي وأحس بأنها مختلفة عن الآخرين إلاّ أنا. مهلاً لا أذكر يوماً أنها علّت صوتي علي أو عصت لي أمراً!! ورغم ذلك لم أمنحها بعضاً مما منحته لبقية إخوتها، ولم أهتم بها عدا تلك الليلة الأخيرة التي قضيتها معها في المنزل. كنت دائماً أعهد بأمورها للخادمة. طوال مرض ابنتي تمالكت أعصابي ورفضت البكاء. كنت رابطة الجأش ومتيقنة أن الله سيبقي لي ابنتي ويعافيها لأعوضها الحنان الذي حرمته إيّاها دون ذنب اقترفته. ** ** ** ** قررت أن أنقلها إلى أحد المستشفيات الخاصة علّها تتحسن. هناك تم تكوين فريق كامل لرعايتها. اشتمل الفريق على اختصاصي كلى واختصاصي أغذية إلى جانب عدد من الممرضات. بعد ثلاثة أيام تحسنت حالتها قليلاً. تمكنت من الحديث. - أمّ... أمّ... أمّي. نادت علي بصوت واهن ضعيف متقطع. اقتربت منها. لم أتمالك نفسي. انهار جأشي الثابت وسقطت دموعي لأول مرة عليها منذ مرضت. بكيت على صدرها وأنا التي لم أضمها يوماً لصدري. حاولت الممرضة إخراجي لكنها رجتها. - دعيها. أرجوكِ. مسحت بيدها على رأسي ثم وضعتها على كتفي وكأنها تطلب مني أن أتوقف عن البكاء. - حنان سامحيني. لم تتمكن من الرد. لقد عاودتها نوبات التشنج من جديد. أرغمتني الممرضة على الخروج من الغرفة. اجتمع حول حنان الطاقم الطبي بأكمله. بعد ساعة خرج كبير الأطباء. أسرعت نحوه ودموعي تسابقني. - ما رأيك يا دكتور أن آخذ ابنتي للعلاج في الخارج؟! المركز الذي تلقيت علاجي فيه متطور جداً. قد يكون هناك أمل في علاجها. - سيدتي كلامك قد فات أوانه. - لم يفت شيء، ولكل داء دواء. - نعم لكل داء دواء إلا الموت!!! ** ** ** ** ماتت حنان وواراها التراب. قبل دفنها قبلتها على رأسها وعلى صدرها بالقرب من قلبها. قلبها الذي عاش يتيماً ووحيداً. قلبها الذي حرمته حناني وعطفي وأمومتي. قلبها الذي ضحى من أجل أن أعيش. كل يوم أتصدق على روح ابنتي التي برتني حتى آخر لحظة من عمرها، وكل ليلة أدعو الله أن يسامحني وأن تكون الجنة دارها الأبدي. تمت | |
|